الاثنين، 28 سبتمبر 2009

التحرش الجنسي بالطفل داخل الأسرة وتداعياته النفسية

التحرش الجنسي بالطفل داخل الأسرة وتداعياته النفسية
(الجزء الأول)

ورد في اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الطفل ضمن المادة 19:( تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية، وهو في رعاية الوالد (الوالدين) أو الوصي القانوني عليه ، أو أي شخص آخر يتعهد الطفل برعايته).
وقد أكدت احد الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم . وقد تبين أن هناك 77% من هؤلاء المعتدين (آباء) للأطفال الضحايا، و11% من أقاربهم . وان أكثر من 75% من المعتدين هم أشخاص معروفين للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة.
ونشر في كتاب (الطفل العربي والمستقبل) للدكتور عماد زكي أن "مائة مليون طفل عربي يشكلون 45% من مجموع العرب وأعلى نسب الأطفال في العالم وتقول الإحصاءات أن أطفالنا هؤلاء يشكلون أعلى نسبة من نسب الأطفال مقارنة بأي شعب آخر" ومع ذلك فنحن نعاني من افتقاد بعض الأسر للوعي بحماية الطفل داخلها قبل أن تحميه من الخطر في الخارج .
من هنا، من النقطة التي تؤكد أن تعنيف الطفل ظاهرة عالمية وانه يكثر داخل الأسرة وان مصدر ألامان بالنسبة إلى الطفل هو سبب إيذائه رأيت أن ندخل إلى أعماق هذه المنطقة الشائكة ...نتطرق إلى مفهوم القضية نظريا ثم ندخل إلى أعماق الأسر المتهرئة والتي يؤذى فيها الطفل وتحديدا لا يحترم جسد ه نتيجة إهمال الأسرة أو دون قصد .
إننا حين نفتح ملفا بهذه الدرجة من الحساسية فنحن نستنهض الوعي لدى الأسر المهملة عن جهل أو انحراف في الفطرة ونحيي الأسر التي استطاعت أن تتبع أساليب التنشئة الإسلامية لحماية الأطفال خارجها وداخلها بوعي ومسئولية تجاه الأطفال الذين هم أمانة في أعناقنا .
• تعريف الاستغلال الجنسي لجسد الطفل : " هو اتصال جنسي بين طفل بالغ من أجل إرضاء رغبات جنسية عند الأخير مستخدماً القوة والسيطرة عليه " ( لوجسي، 1991؛ ميكلوبتس؛ لفشيتس، 1995). هذا الاستغلال يعرف على انه دخول بالغين وأولاد غير ناضجين وغير واعين لطبيعة العلاقة الخاصة جدا وماهيتها ، كما أنهم لا يستطيعون إعطاء موافقتهم لتلك العلاقة والهدف هو إشباع المتطلبات والرغبات لدى المعتدي ، وإذا ما حدث داخل إطار العائلة من خلال أشخاص محرمين على الطفل فيعتبر خرق ونقد للتابو المجتمعي حول وظائف العائلة ويسمى سفاح القربى أو ( قتل الروح ) حسب المفاهيم النفسية ، وذلك لأن المعتدي يفترض عادة أن يكون حامي للطفل ، ويعرف سفاح القربى حسب القانون على انه " ملامسة جنسية مع قاصر أو قاصرة على يد أحد أفراد العائلة" ( لوجسي،1991 ) ويقصد بهذا النوع من الاستغلال :- - كشف الأعضاء التناسلية. - إزالة الملابس والثياب عن الطفل. - ملامسة أو ملاطفة جسدية خاصة . - التلصص على طفل. - تعريضه لصور فاضحة ، أو أفلام. - أعمال مشينة، غير أخلاقية كإجباره على التلفظ بألفاظ فاضحة . -اغتصاب. ( مكلوبتس؛ لفشيتس، 1995).
• كيفية الانتهاك : المعتدي حسب تعريف العلماء هو شخص يكبر الضحية بخمس سنوات على الأقل و له علاقة ثقة و قرب للضحية ، و قد دلت الدراسات أن أكثر من 75% من المعتدين هم ممن لهم علاقة قرب مثل أب، أخ، عم، خال، جد أو معروفين للضحية. ويتم الاعتداء عن طريق التودد أو الترغيب، و هو استخدام الرشوة، و الملاطفة، تقديم الهدايا...الخ أو الترهيب أو التهديد: و هو التخويف من إفشاء السر أو الكشف عن الاعتداء. و ذلك عن طريق: الضرب، التهديد بالتوقف عن حب الطفل أو عدم أخذ الطفل إلى أماكن يحبها، التخلي عن الطفل بأنه السبب لأنه هو يريد ذلك. هذا الاعتداء يتم بسرية كاملة حيث يلجأ المعتدي بإقناع أو ترهيب الطفل بضرورة إخفاء الموضوع و عدم الكشف عنه. ونادرا ما يستخدم المعتدي القوة مع الضحية خوفا من ترك آثار على جسمها الأمر الذي يثير شكوكا حول ذلك.
• لماذا تستغل البراءة ؟:.... يتفق الباحثون على عدم وجود سبب واحد يبرر حدوث العنف نحو الطفل، وإنما هي عدة عوامل متشابكة تتفاعل في سياق اجتماعي وثقافي محدد .
ويمكن إجمال هذه الأسباب ضمن تصنفين للأستاذة لميس ناصر :
أ- العوامل الديمغرافية وهي: ((العوامل الاجتماعية /العوامل السياسية / العوامل النفسية/ العوامل الاقتصادية /العوامل القانونية وأهمها "عدم كفاية القوانين التي تحكم الاعتداءات الجنسية على المرأة والطفل"/ . قصور التعامل لدى الجهات الأمنية مع مشكلات العنف /عدم وضوح بعض المفاهيم قانونياً "الإساءة الجنسية … وغيرها"/وسائل الإعلام التي تكرس مظاهر العنف في البرامج التلفزيونية ، والكومبيوتر ، والألعاب الإلكترونية مما يؤدي إلى انتشار حالات العنف في المجتمع عن طريق التقليد أو النمذجة، فالجرعات الإعلامية الزائدة من العنف تبطل الحساسية تجاهه .
ب- عوامل الخطورة : وتتضح في الآتي : عوامل الخطورة المرتبطة بالمسيء : ويكون المسيء في الغالب شخصاً قد أسيء إليه جسدياً ، عاطفياً ، أو جنسياً ، أو يكون قد عاني من الإهمال وهو طفل .
عوامل الخطورة المرتبطة بالمساء إليه / إليها : بعض صفات الأطفال الجسدية والعاطفية قد تقلل من حصانتهم للإساءة، اعتماداً على تفاعل هذه الصفات مع عوامل الخطورة لدى الوالدين ( الإعاقة ، المرض المزمن ، الانعزالي الخ .. )
عوامل الخطورة المرتبطة بالعائلة : بعض العائلات لها صفات محدده تزيد من احتمالية الإساءة فيها (النزاعات الزوجية، الضغوطات المالية والوظيفية ، الانعزال ) .
عوامل الخطورة المرتبطة بالمحيط : تنتشر الإساءة في بعض المجتمعات أكثر من غيرها ، وما يعتبر في مجتمع ما إساءة ليس كذلك في مجتمع آخر .
• ( مفهوم العقاب الجسدي ، القيم ) ولابد أن نذكر أن وجود عوامل الخطورة المذكورة آنفاً لا يعني بالضرورة أن تؤدي إلى العنف والإساءة ، وذلك بسبب تعدد العوامل وتفاعلها مع بعضها البعض.
• الآثار الجسدية و السلوكية و النفسية لانتهاك جسد الطفل:- أورد هنا بعض مما استطعت تجميعه عبر مواقع الانترنت من معلومات حول بعض المؤشرات التي يمكن أن تلفت نظر الأسرة إلى وجود طفل يعاني من مشكلة أو أزمة أيا كان نوعها :
أ- الدلائل الجسدية (تختلف حسب اختلاف الفئة العمرية). صعوبة في المشي أو الجلوس. أمراض و أوجاع في الأعضاء التناسلية. إفرازات أو نزيف أو تلوثات متكررة في مجرى البول. أوجاع بالرأس أو الحوض.
ب- الدلائل السلوكية الانطواء و الانعزال. الانشغال الدائم بأحلام اليقظة و عدم النوم و كثرة الكوابيس و الأحلام المزعجة. تدني المستوى الأكاديمي، و عدم المشاركة في النشاطات المدرسية و الرياضية. التسرب أو الهروب من المدرسة. تورط الطفل في مسالك انحرافية ضد أبناء صفه. عدم الثقة بالنفس و الآخرين و العدوانية. تشويه الأعضاء التناسلية و تعذيب النفس. الرعب و القلق الدائم. وقد تقوم الفتاة في سن المراهقة بتصرفات إغرائية، استفزازية للآخرين.
ج- الدلائل النفسية : تذكر د. نادية عوض أن هناك عوامل أخرى قد تؤثر أثناء مرحلة نمو الطفل؛ بحيث ينجذب الطفل شيئًا فشيئًا إلى الشذوذ الجنسي - كما يقول العلماء- من ضمنها تعرض الطفل لاعتداء جنسي. ففي بحث للعالم الأمريكي "جريجوري ديكسون" عام 1996 ظهر أن 49% من الشواذ جنسيا الذين تناولهم البحث قد حدث لهم نوع من أنواع الاعتداء الجنسي أثناء مرحلة الطفولة..
• اهتمام دولي وإحصاءات علمية : بدأ الاهتمام بالطفل في مطلع العشرينات من القرن الماضي ، بظهور أول إعلان لحقوق الطفل في العام 1923 . وقد التزم قادة الدول الذين حضروا مؤتمر القمة العالمي من اجل الطفل عـام 1990 والـذي تمت المـوافقة خلاله على " اتفاقية حقوق الطفل " ، على الاسترشاد بمبدأ " الأطفال أولا " الذي ينص على ايلاء احتياجات الأطفال الأساسية الأولوية العليا عند تخصيص الموارد، في السراء والضراء ، وعلى جميع المستويات الوطنية والدولية وكذلك على مستوى الأسرة نفسها . وبالرغم من أن مجلس جامعة الدول العربية قد اتخذ على مستوى القمة التي عقدت في عمان مارس2001م قراراً بتبني " الإطار العربي لحقوق الطفل ". وفي كتاب حقوق الطفل أورد المؤلف غسان خليل الإسهامات الدولية لمنع استغلال الطفل جسديا ومن ضمنها المؤتمر الذي استضافته السويد ونظمته منظمة الأمم المتحدة و" اكبات" و" مجموعة المنظمات غير الحكومية من اجل اتفاقية حقوق الطفل ". وأنتج المؤتمر إعلان هام يقضي بأهمية التحرك لوضع حد للاستغلال والإساءة الجنسية التي يتعرض لها الأطفال على أن يشمل التحرك المستوى المحلي الوطني والإقليمي والدولي . بالرغم من كل التحركات الدولية للاهتمام بحقوق الطفل إلا أن 29 دولة فقط اعتمدت خطة عمل تشمل حملات توعية وتشديد القوانين ذات الصلة بظاهرة استغلال الأطفال جنسياً. هذا بالنسبة لحماية الطفل من الخطر الخارجي ..
• فماذا عن الخطر داخل الأسرة !! إن البحث عن الدمار داخل الأسرة صعب إذ لا نستطيع أن نحدد بدقة عدد الأطفال الذين تعرضوا في العالم العربي إلى تحرش جنسي داخل أسرهم لتكتم الأطراف المعنية ، فقط نورد هنا بعض الأمثلة لدول عربية أعلنت عن الإحصاءات :
• في الأردن : تبين سجلات عيادة الطب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة ، شملت 174 حالة إساءة جنسية على الأطفال كانت مصنفة حسب ما يلي : ( 48 حالة إساءة جنسية ، كان المعتدي فيها من داخل العائلة ، و79 حالة إساءة جنسية كان المعتدي فيها معروف للضحية - قريب أو جار أو غيره، و47 حالة كان الاعتداء على الطفل فيها من قبل شخص غريب ) .
• في لبنان : أظهرت دراسة صادرة عن جريدة لوريان لوجور أن المغتصب رجل في جميع الحالات ، ويبلغ من العمر 7-13عام ، وان الضحية شملت 18 فتاه و10 صبيان تتراوح أعمارهم بين سنة ونصف - 17 سنة . وأشار المؤتمر الرابع اللبناني لحماية الأحداث إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم ، على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين . ( د . برنار جرباقة ، 2000 )
• في مصر: تشير أول دراسة عن حوادث الأطفال في مصر أعدتها الدكتورة فاتن عبدا لرحمن الطنباري أستاذ الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس إلى أن ‏ حوادث الاعتداء الجنسي علي الأطفال تمثل ‏18%‏ من إجمالي الحوادث المختلفة للطفل. وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية فقد اتضح أن النسبة هي 35% له صلة قرابة بالطفل و 65% ليست له صلة بالطفل‏.
• ‏في سراييفو: ذكر عبد الباقي خليفة أن هناك دراسة أعدت مؤخرا في كرواتيا، أثبتت أن واحدة من كل أربع فتيات تعرضت للاغتصاب على يد أقربائها. وان كل واحد من ستة شباب يتعرض للاغتصاب. وان %90 من الإناث والذكور يمارسون الجنس دون سن الثامنة عشرة ثلثهم مع الأقارب و40% مع الجنس الواحد. ويقول الأطباء الذين يعالجون حالات دون سن العاشرة، أن بعض الأطفال لا يمكن أن يعودوا للحياة الطبيعية، وانه حصل لبعضهم تلوثات عقلية بسبب الاغتصاب وبعضهم في حالات نفسية يصعب شفاؤها.
• رأي الإسلام وحكمته في الوعي الجنسي :
لقد تميز الإسلام بشموليته في الطرح لكافة جوانب حياة المسلم حتى قبل أن يولد حين اهتم بالزواج والتناسل ولم يتحرج عن التطرق إلى كل ما يشغل تفكير المسلم في أمور حياته الخاصة .. إنه أمر فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علم الصحابة والصحابيات بلغة راقية وبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط كل ما يتعلق بالأمور الخاصة جدا لأن الجنس جزء من الحياة اعترف به الإسلام ووضع له الأطر الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريم وقد فرق الرسول-ص- بين الخطاب الموجه إلى البالغ والطفل حين حدد سن التكليف بالبلوغ وأشار إلى خطورة مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة قبل قرون عدة حين قال الرسول -ص-((مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرِّقوا بينهم في المضاجع)).
وقد أشار الأخصائي النفسي بديع القشاعلة في مقال له بعنوان "نظريات في علم النفس والحديث الشريف" إلى حكمة التربية في هذا الحديث بقوله : ((يحدد محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فترات زمنية للتعامل مع الطفل.... أما الجزء الأخير من الحديث وهو "فرقوا بينهم في المضاجع" فنابعٌ من تطور النمو الجنسي في هذه المرحلة والتي تعد نقطة تحول من الكمون الجنسي إلى حالة النشاط الجنسي والذي يبدأ مع مرحلة البلوغ، حيث نجد أن الأطفال حينما يصلون إلى سن العاشرة يكثر لديهم حب الاستطلاع عن النواحي الجنسية والفسيولوجية ، كما وأن الانتباه في هذه المرحلة يزداد وتزداد دقته الأمر الذي يساعده على إدراك الاختلاف بين الأشياء وإدراك الشبه أيضاً بينها. نتيجة لهذا فإنه يستطيع أن يقدم تفسيراً بسيطاً للأمور، وهذه صورة راقية من التفكير لم نكن نلحظها في المراحل السابقة من النمو. إن هذه الفترة هي فترة ميل إلى الأمور الجنسية والتعرف عليها والعبث بها وهذا جعله الله تعالى ليكون تمهيداً لمرحلة البلوغ والتي يمكن أن تحدث فيها عملية الزواج.).
ويقول د. حامد زهران أستاذ الصحة النفسية : بان علينا كمربين أن نعرف أن الأطفال يصلهم معلومات من زملائهم في المدرسة والشارع.. وقد يقرؤون كتبا بها أفكار مشوهة، وقد يطلعون في عصرنا الحالي علي مصادر سيئة في الإنترنت، وهناك أيضا القنوات الفضائية .
علينا أن نعلم أطفالنا آداب السلوك الجنسي. إن أقرب العلوم للتربية الجنسية هي التربية الدينية، لأن الدين يعترف تماما بالغريزة الجنسية وينظم السلوك الجنسي تماما من الناحية الدينية قبل أي شيء آخر، ولهذا فالمفروض أن نهتم بتعليم أحكام الدين.. وحدود الله فيما يتعلق بالسلوك الجنسي والحلال والحرام فيه.. ومن هنا سنجد أن الإطار الذي نتحدث عنه سوف يؤدي إلي نتائج أفضل من إهماله..
• الوعي بأهمية الثقافة الجنسية :
إن الجنس وقضاياه في العالم العربي منطقة شائكة لا يشجع الآباء أبنائهم على معرفة ماهيتها ..وهذا لا يقيهم شوك الجهل بل على العكس إن جهل الطفل باحترام جسده وبثنا له الرعب من منعه من التحدث في أمور الجنس يعرضه لمخاطر كثيرة أخطرها سكوته في حال انتهاك حرمة جسده. تقول الأستاذة منى يونس : (لا بد من رفع الالتباس لدى الأكثرية من أولياء الأمور بين "الإعلام الجنسي" الذي هو إكساب الفتى/ البنت معلومات معينة عن موضوع الجنس، و"التربية الجنسية" التي هي أشمل ؛ إذ إنها تشمل الإطار القيمي والأخلاقي المحيط بموضوع الجنس باعتباره المسئول عن تحديد موقف الطفل من هذا الموضوع في المستقبل).
إن أهم ما لأجله لابد أن نؤسس ثقافة جنسية مستندة على القيم الإسلامية لأطفالنا الحاجات الجنسية للطفولة الوسطى(6-9) والتي يذكر د. زيدان عبد الباقي أنها مرحلة كمون جنسي (latency period) ومع نهايتها وبداية الطفولة المتأخرة (9-12) ينفق الطفل كثيرا من وقته في استطلاع الجسم ووظائفه ومعرفة الفروق بين الجنسين وقد يميل بعض الأطفال إلى القيام ببعض التجارب الجنسية واللعب الجنسي مع بعضهم البعض ولكن الخطر أن قلة من كبار السن " الشاذين جنسيا " قد يستغلون الأطفال في إشباع دوافعهم الجنسية الأمر الذي يحدث في الطفل جرحين جسدي ونفسي...
من هنا كان تحذيرنا ومطالبتنا بالحفاظ على الأبناء الصغار، ذلك أن الأطفال في هذه السن لا يدركون خطورة النواحي الجنسية ، حيث لا تزال الطاقة الجنسية كامنة لديهم واهتمامهم موجه إلى نفس الجنس. إن الرغبة في اللعب الجنسي تزداد وقد تتحول إلى عادة سرية أو لمجرد تقليد لطفل أو لصبي يمارس تلك العادة أمام الآخرين قد يحدث التجريب الجنسي فلا يمارس بالمعنى المعروف ولكنه مجرد عرض الأطفال لأعضائهم التناسلية وترتيبا على ذلك يحتاج الطفل من أبويه أن ينظرا إلى النواحي الجنسية نظرة موضوعية أي عادية باعتبار الجنس جزء من الحياة الاجتماعية وليس في مناقشته خطيئة أو إثم .
• نموذج للتجربة العلاجية العربية:
الحقيقة أن دول العالم العربي تهتم بقضايا الطفولة ولكن فيما يتعلق تحديدا بانتهاك حرمة جسد الطفل داخل الأسرة "موضوعنا" فان الجهود حثيثة فضلا عن أن بعض الدول لا تعترف بوجوده كظاهرة تستحق العلاج على أنني وعبر بحث متواصل وجدت ان تجربة الأردن جديرة بالطرح كتجربة واعية وفاعلة . ففي عمان أنشأت وزارة الداخلية الأردنية إدارة حماية الأسرة، وأوكلت إليها مسئولية مواجهة جرائم الاعتداء في العاصمة عمان كخطوة أولي قابلة للتعميم‏، قوبلت بالمعارضة الشديدة من البعض ، ثم أثبتت نجاحها من خلال النتائج التي حققتها في عام‏1998‏ وهو العام الذي أنشئت فيه الإدارة وصلت إليهم‏295‏ حالة تحرش جنسي ضد الأطفال‏.‏ مثلت حالات زنا المحارم نسبة غير متواضعة منها‏.‏ وفي العام التالي‏,‏ وبعد أن اتسع نشاط الإدارة واتسعت معرفة الناس بها‏,‏ عالجت الإدارة‏ ،أما في عام‏2000‏ فقد عملت الإدارة علي معالجة‏631‏ حالة جاءت إليها بإرادة الأطراف وفي عمان أيضا في العام ذاته افتتح "دار الأمان" وهو أول مركز متخصص في الوطن العربي في مجال حماية الأطفال من مختلف صور الانتهاكات. وهو متخصص أساسا في إعادة التأهيل ومعاملة ضحايا الانتهاكات.. الأطفال وأسرهم. و يستقبل المركز كل انتهاكات الأطفال سواء كانت جنسية أو بدنية أو بسبب الإهمال. "
• العنف تجاه الطفل في السعودية :
لم يسبق أن طرح موضوع إيذاء حرمة جسد الطفل من داخل الأسرة للنقاش ..اعتاد البعض أن يتحدث عن الإساءة إلى الطفل أو إيذائه بالضرب أو الإهمال ، ثم تدرج المشكلة الأخطر وهي الاعتداء الجنسي سواء من داخل الأسرة أو خارجها ضمن الحديث. وقد ورد في الآونة الأخيرة اهتمام مكثف بالطفل السعودي بشكل عام صاحب انضمام المملكة إلى احد معاهدات الخاصة بحقوق الطفل ، خاصة وان بيانات التركيب العمري للسكان السعوديين تشير إلى أن نسبة الأطفال في السعودية ممن يبلغ عمرهم 14 عاماً أو أقل تصل إلى 49.23 في المائة من إجمالي عدد السكان السعوديين حسب آخر تعداد ولكن المشكلة تكمن في سرية حالات إيذاء حرمة الجسد داخل الأسرة حيث لا يتحدث الطفل أو تتكتم الأسرة خوفا من المعتدى القريب أو من الفضيحة ، وفي كل الحالات يدفع الطفل الثمن.
إننا ونحن نتحدث عن هذه الحالات نؤكد وجودها في المجتمعات الإنسانية بشكل عام الغربية منها والعربية .لكننا نثق أن المجتمعات الإسلامية هي الأقدر على إحداث التوازن في النفس البشرية من خلال الارتكاز على القيم الإسلامية ومعالجة الأفراد الشواذ المتسببين فيها .
واقع الحال من وجهة نظر المسئولين : صرح مصدر مسئول بقسم الخدمة الاجتماعية بوزارة العمل والشئون الاجتماعية إلى جريدة الشرق الأوسط أن تصريحات وزير العمل لدى انضمام السعودية إلى إحدى المعاهدات الخاصة بحقوق الأطفال ، لم تكن إيجابية إذ نفى وجود حالات إيذاء للأطفال في السعودية ، وأكد أن كل ما لدينا هو بعض الأطفال في الشوارع وحاول أن يضع مسألة إيذاء الأطفال على أنها عمل الأطفال ولكن هذه قضية استغلال وهي مختلفة عن الإساءة وعلى ذات الصعيد طالب هذا المسئول في مجال الخدمة الاجتماعية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية برعاية من تعرضوا للإيذاء وإيداعهم في مؤسسات الدولة التي ترعى الأيتام ، لأن الطفل المعتدى عليه يعود بعد مغادرته المستشفى وعلاجه إلى أسرته التي قامت بإيذائه ليؤذوه بشكل أكبر ، وذلك لأنهم يعتبرون الأطفال من ممتلكاتهم. من جهة أخرى أكد عوض الردادي وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لـجريدة "الشرق الأوسط" انه يوجد قوة إلزامية لسحب الطفل الذي تعرض للإيذاء من أهله وذلك عن طريق الحاكم الإداري "الإمارة". وأكد أن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تتدخل لدى تعرض الطفل للخطر وتودعه في إحدى دور الرعاية الاجتماعية حتى يتم إيجاد أقارب يقومون برعايته. وبشأن المطالبات والاقتراحات التي وجهتها العديد من الجهات لإنشاء لجنة وطنية لحقوق الأطفال ، أكد الردادي أن الحالات الموجودة لم تصل إلى مرحلة الظاهرة وما زالت مجرد حالات فردية ، ولكن هل ما يصلنا هو كل شيء ، وإذا كان الأمر يستحق فنحن أول من يؤيد. هذا ما كان من أمر المسئولين في وزارة العمل والشئون الاجتماعية إذ تضاربت الآراء بين تهوين الوزير لمشكلة إيذاء الطفل بشكل عام داخل الأسرة ، ونفي وكيل الوزارة لاعتبارها ظاهرة وبين تأكيد مسئول في الوزارة لم يصرح باسمه ولم يحدد طبيعة الإيذاء حول وجود حالات تستحق إيجاد حلول للأطفال الضحايا .

إلى هناااااااا .......وللحديث بقية ....

في الجزء الثاني إنشاء الله ......سنقدم عرضا لوقائع حقيقية ....
( قصص من الواقع ،ومدى تأثيرها على سيكولوجية الضحية )

د.عطا أحمد شقفة - غزة - فلسطين
علم نفس

ليست هناك تعليقات:





التسميات



فى الختاااااااااااام

أرجــــــــو أن تكونوا قضيتم وقتا ممتعا فى موقعنا
ومن لديه
أى اضافات ، فاليتفضل بالاشتراك أو التعليق

رافقتــــكم الســـــلامه
،،،،،،،