الأربعاء، 16 يونيو 2010

الشخصية النرجسية وكيف تتعامل معها

الشخصية النرجسية وكيف تتعامل معها


النرجسية (Narcissism) نسبة إلى نارسيس (Narcisse) الفتى اليوناني الذي ورد ذكره في الأساطير اليونانية. كان فتى رائع الجمال ، نظر إلى صورته ذات مرة في ماء البحيرة ، فرأى جماله وشغله عن العالم فعكف على الصورة يتأملها . وأطلق اسمه بعد ذلك على كل من يركز اهتمامه على ذاته أو يجعل نفسه بقيمها ومشاعرها مركز العالم.
والنرجسية أو حب الذات تعني تضخم مفهوم الذات عند الشخص والإفراط بالاعتزاز بها ، فيعجب بنفسه وبقدراته وصفاته و ... و... الخ. النرجسي يتميز دائما بغياب الاهتمام بالعالم الخارجي يظن نفسه يعلم كل شيء، أن ما لديه من مخزون علمي وثقافي هو سقف الكون و نهايته، وبذلك تتحول (الأنا) من حالتها الطبيعية إلى حالتها المرضية المتضخمة إلى (تابوت) مؤطر لا يشعر بها صاحبها أنها كذلك.‏
يكون حب الشخص في بداية الطفولة مركز على الأم وعندما يكبر قليلا تتوزع دائرة ذلك الحب على الآخرين الأب والإخوة ، وهكذا ويبدأ الطفل يتعرف على نفسه وعلى هويته وعلى ذاته عن طريق المرآة يلتفتً إلى الأم، إلى الآخر، لينتزع منها اعترافاً بأن هذه الصورة المنعكسة من المرآة هي صورته هو. فالطفل يرى نفسه دائماً بأعين الآخرين.وقد تبالغ الأم أو الأب في المديح والثناء على الطفل لجماله أو بتفوقه وإبداعه في مجال معين ويظل يتأمل في المرآة مفتوناًً بصورته فتتضخم ذات الطفل ويشعر بحب كبير لذاته ويعجب ويفتخر بها ويرى انه أفضل من الآخرين يعتقد الكمال في كل تصرفاته فينتابه الغرور والكبر على الآخرين واحتقارهم ، وقد يسبب ذلك للطفل مشكلات كثيرة تنعكس بآثارها سلبا على الشخص نفسه وعلى المجتمع ويقول الدكتور محمد الصغير استشاري الطب النفسي حول هذا الموضوع إن الإعجاب نوعان :
إعجاب بالنفس واغترار بها وإعجاب بالغير وهي منتشرة بين شبابنا وترى من يعجب بنفسه يميل إلى الغرور والتباهي والكبرياء ويسعى لتضخيم نفسه أمام الآخرين ويتطلع للفت أنظارهم بأي إنجاز يقوم به ويتفنن في استعراض أعماله وأحواله ويكثر الحديث حول ذلك (بمناسبة وبدون مناسبة) ويهتم بالشكليات والمظاهر وينسب لنفسه حسنات الآخرين وإنجازاتهم ويحسدهم عليها ويغار بدرجة كبيرة من كل من حوله ولا يريد لأحد أن يبرز بجواره وليس مستعد للبذل والعطاء للآخرين ، علاقاته انتهازية استغلالية تبرز فيها المصلحة الشخصية ولا يهمه فقد صديق أو خسارة موقف ...المهم هو تحقيق أكبر قدر من المكاسب الذاتية ولا عبرة بمشاعر الآخرين و أحاسيسهم.
هؤلاء الأشخاص يعتبرون في الطب النفسي مرضى (لديهم اضطراب في الشخصية) وهم رغم الإنجاز الذي يحققونه في الغالب (في المناصب والألقاب والجاه والثروة) إلا إنهم يعانون داخلياً من عدم الاستقرار النفسي وتقلب المعنويات وسرعة انحرافها وتذبذبها بين التعالي واحتقار الذات ، وكثيراً ما يمرون بفترات اكتئاب أو قلق أو أرق ونحو ذلك. مثل هؤلاء ينقصهم الاستبصار بحالهم فهم لا يدركون مدى أنانيتهم وعجبهم.....
ولذا فعلاج هؤلاء صعب جداً، لا دواء يمكن أن يعالج هذه العلة ، ولن تصنع المختبرات دواء يداوي العجب والكبر . وفي الغالب لا ينفع التوجيه والإرشاد والنصح إن لم يكن في ذات النرجسي شيئا من الاستبصار بعلته ومقدار من التدين يمكن معه أن يستبصر به بخطورة العجب والخيلاء والكبر والرياء، ويذكر بما جاء في ذلك من الوعيد الشديد في نصوص الكتاب والسنة . وتبقى الوقاية أهم وسيلة للحد من النرجسية بالتربية السليمة المتوازنة التي تجمع الثواب على الصواب مع العقاب على الخطأ بأسلوب حكيم ومتابعة أسريه واعية تفسح المجال للموهوب لإخراج موهبته وترعاه بالعقل والتوجيه وتجنبه انتقام الذات ...

د/ عطا أحمد شقفة – علم النفس

ليست هناك تعليقات:





التسميات



فى الختاااااااااااام

أرجــــــــو أن تكونوا قضيتم وقتا ممتعا فى موقعنا
ومن لديه
أى اضافات ، فاليتفضل بالاشتراك أو التعليق

رافقتــــكم الســـــلامه
،،،،،،،